قبائل الإنكا
الإثنين يونيو 13, 2011 4:58 am
الإنكا Inca عشيرة من الهنود الحمر من شعب كيتشوا Ketschua برزت منها أسرة ملكية أسست نواة مملكة في منطقة وادي كوزكو Cusco في جبال الآنديز[ر] في مرحلة قيام الدول في أمريكة الجنوبية (بدءاً من 1200 م). وقد سيطرت هذه المملكة على المناطق المرتفعة والواطئة الواقعة بين ساحل المحيط الهادئ والغابات المطيرة شمال غربي أمريكة الجنوبية، وتضم تلك المناطق اليوم: البيرو وبوليفية والإكوادور وكولومبية وأواسط تشيلي، وتعني كلمة إنكا «سليل الشمس».
لم يعرف شعب الإنكا الكتابة، لذلك استمدت المعلومات عنهم من تقارير الغزاة الإسبان، ومن الحضارة المادية التي خلفوها، والمرويات المتوارثة لدى شعبهم التي تذكر أن زعيم الإنكا مانكو كاباك Manco Capac هو مؤسس هذه المملكة في وادي كوزكو، وقد تولى المُلك من بعده اثنا عشر ملكاً، حكموا حتى الغزو الإسباني لبلاد الإنكا بقيادة فرانشيسكو بيزارو Francisco Pizaro عام 1532م، بحسب التسلسل التالي:
1ـ مانكو كاباك Manco Capac نحو 1200م.
2ـ سنتشي روكا Sinchi Roca.
3ـ لياكيو يوبانكي Liaque Yupanqui.
4ـ مايتا كاباك Mayta Capac.
5ـ كاباك يوبانكي Capac Yupanqui.
6ـ إنكا روكا Inca Roca.
7ـ ياهوار هواكاك Yahuar Huacac .
8ـ فيراكوتشا إنكا Viracocha Inca.
9ـ باتشاكوتك إنكا يوبانكي (1438-1471م) Pachacutec Inca Yupanqui.
10ـ توباك إنكا يوبانكي (1471-1493م) Tupac Inca Yupanqui.
11ـ هواينا كاباك (1493-1525م) Huayna Capac.
12ـ هواسكار (1525-1532م) Huascar.
13ـ أتاهوالبا (1532-1533م) Atahualpa.
كان لمملكة الإنكا، في بداية تأسيسها حتى عهد ملكها الثامن، أهمية محلية واقتصر أثرها السياسي آنذاك على الصراعات والتحالفات مع القبائل المجاورة، إلا أنها بلغت أوج ازدهارها وتوسعها بدءاً من منتصف القرن الخامس عشر الميلادي في عهد الملك باتشاكوتك إنكا يوبانكي وخلفائه.
قاد مملكة الإنكا حاكم مطلق، لقب بـ «سليل الشمس»، وشاعت بين أفرادها ـ كما يذكر المؤرخون ـ عادة اتخاذ الأخت زوجة رئيسة، وحصر الإرث في نسلها، وساد كذلك بين أعضاء الطبقة الأرستقراطية في المملكة نظام تعدد الزوجات أيضاً. وكان النبلاء المتحدرون من عشيرة الإنكا يميزون بتعليق أقراط كبيرة في آذانهم، لذلك أطلق عليهم الإسبان المحتلون اسم «الآذان الكبيرة». وقد شغل أولئك النبلاء مناصب إدارية وعسكرية رفيعة، ومنحهم ملك الإنكا الأوسمة والهدايا، كالعقارات والنساء الجميلات والألبسة الفاخرة. كما عد في طبقة النبلاء أيضاً أمراء القبائل الأخرى التي خضعت لسيطرة الإنكا، فشغلوا مناصب مختلفة في دولة الإنكا تبعاً لقوة قبائلهم وأهميتها، مما كان له أثره الفعال في تعزيز مكانة المملكة. وضمت طبقة النبلاء أيضاً شخصيات حققت إنجازات باهرة. أما الشعب فكانت غالبيته العظمى من الفلاحين الذين يعيشون في الأرياف في وحدات اجتماعية مؤلفة من الأقارب «أيلو Ayllu» المتحدرين من جد واحد ويقطنون منطقة واحدة ويشتركون في زراعتها.
اعتمد اقتصاد الإنكا في نشاطه الرئيس على زراعة الذرة والبطاطا والنباتات الدرنية الأخرى والكوكا واعتمد في نشاطه الثانوي على تربية حيوان الألباكا Alpaca واللاما والبط والخنازير، وعلى الصيد البحري، وممارسة الحرف النسيجية (القطنية والصوفية)، والمعدنية (النحاس والذهب) والخزافة، إلى جانب أعمال البناء والخدمات العامة.
أرسى شعب الإنكا قواعد دقيقة للزراعة، تمثلت في أنظمة توزيع الماء وتقسيم العمل بين القادرين عليه بحسب العمر والجنس، وتوزيع المصاطب المزروعة وقنوات الري القديمة، فقامت مجموعات العمل في القرى بزراعة المصاطب وبناء القنوات لمصلحة الدولة، وتأدية أعمال السخرة «ميتا Mita» وبتقديم منتجاتها إلى الدولة، على حين التزمت الدولة تقديم الغذاء لمجموعات العمل من المستودعات الحكومية. وكانت ملكية الأراضي خاصة بعشيرة الإنكا وبإله الشمس الممثل برجال الدين، لذلك سعى ممثلو الإنكا إلى توسيع الأراضي المستثمرة في مناطق نفوذهم وتكثيف الزراعة فيها. وكان للحرفيين في مملكة الإنكا مكانة خاصة، تزودهم الدولة بالمواد الأولية من المخازن الحكومية وتستعيدها منتجات مصنعة.
اهتمت دولة الإنكا بعمارة القصور والمعابد ومخازن الحبوب والحصون والثكنات العسكرية والمحطات المقامة على الطرقات العامة. وقد بنيت تلك المنشآت بالحجارة القاسية المنحوتة والمرصوصة بعضها فوق بعض من دون ملاط، وزينت واجهاتها الخارجية ومداخلها بالصفائح الذهبية، وما تزال بعض تلك الأوابد التاريخية الضخمة شاخصة للعيان، ولاسيما الموجودة في العاصمة كوزكو. وتركزت الخدمات العامة الأخرى على حراسة الجسور المعلقة وعلى أعمال البريد، فقد اعتمدت دولة الإنكا على نظام التتابع في نقل الأخبار المهمة، وكان السعاة الذين يعملون في هذا المجال يقطنون في جوار الطرقات الرئيسة، وهم دائماً على أهبة الاستعداد لنقل ما يصل إليهم من أخبار إلى المراكز المجاورة.
أطلق شعب الإنكا على دولتهم اسم «دولة جهات العالم الأربع Tahuantimsuyu»، تِبعاً للأقاليم المنضوية تحت لوائها، وكان كل من هذه الأقاليم يخضع لإشراف أحد الأعضاء الأربعة الممثلين في مجلس العرش، وقد سماهم الغزاة الإسبان نواب الملك. واعتمدت دولة الإنكا على نظام عشري دقيق في توزيع السكان من أجل تسخيرهم لخدمتها على الوجه الأمثل. ويبدأ هذا النظام بمجموعة من المسؤولين عن عشر أسر، وينتهي بالوحدات التي تضم عشرة آلاف أسرة، وكان يجري بين وقت وآخر إعادة التوزيع تبعاً لمعطيات تعداد السكان المنفذ بانتظام. وكان يعمل في دولة الإنكا مفتشون يجوبون البلاد، ويقومون بمراقبة عمل الأجهزة الإدارية وتحفيزها على الاستنفار الدائم.
ومع أن الهنود الحمر ـ ومنهم شعب الإنكا ـ لم يعرفوا الكتابة، فإنهم اعتمدوا في تنظيم شؤونهم الإدارية على عقد الحبال Quipu نظاماً حسابياً يجمع بين عدد العقد وشكلها ولون الحبال، ويعتمد على الذاكرة، ويحتاج فك طلاسمه إلى شرح طويل. وكان العاملون في مجال الإحصاء متخصصين كل في مجاله المحدد، يحصون الغنائم والمحاصيل التي في حوزة الإدارات الدنيا، ويرفعون هذه الإحصاءات إلى الجهات العليا، حتى تنتهي إلى الدائرة الحكومية المركزية في العاصمة كوزكو.
وقد تطلب الإدارة الحكومية استقرار المواطنين في مواطنهم، أو تقوم بعمليات ترحيل للسكان من منطقة إلى أخرى بحسب الضرورة، لإعمار المناطق المتخلفة أو تخفيض الكثافة السكانية في المناطق المزدحمة. وكانت الدولة تعنى بتنظيم إسكان المحاربين المحترفين والفلاحين في المناطق التي ترتئيها، في حين كانت ترغم القبائل غير الموالية لها والمتمردة على سلطتها، على الإقامة في أواسط البلاد، لتراقب أوضاعها وتمنع اتصالها بخارج البلاد.
أدت سياسة ضم المناطق والتوسع المتلاحق، والتعاون مع الفئات الحاكمة في المناطق المحتلة وانتشار لغة كيتشوا Quechua، اللغة الرسمية في مملكة الإنكا، إلى تقديس عدة آلهات أجنبيات، كتقديس مظاهر الطبيعة مثل: الأرض الأم Pacha mama، وقمم الجبال والصخور الضخمة والينابيع والأنهار Huakas، إلى جانب تقديس آلهة الشمس Inti محور عقيدة الإنكا، التي حظيت برعاية الدولة وتشجيعها.
وقد احتل رجال الدين مكانة رفيعة في الدولة، وكان كبيرهم من عشيرة الإنكا حصراً، وكانت لهم مراتب متدرجة، ويشرفون على تربية أبناء النبلاء وحفظ التعاليم الدينية.
استطاع الاحتلال الإسباني، بما أحدثه من تحولات اجتماعية ودينية، القضاء إلى حد بعيد على ثقافة الطبقة الحاكمة، وحافظ سكان الأرياف، حتى اليوم، على طرائق حياتهم الأصلية وتنظيماتهم الاجتماعية ومعتقداتهم.
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى